موضوع: قراءة في قانون نيوتن الثالث ( الفعل ورد الفعل ) 21/10/2010, 3:43 am
آآلـًٍسًٍـلآآمً عـًٍـلًٍـيًٍــكًٍـمًٍ وٍرٍحًٍـمًٍـهًٍـ الله وٍبًٍـرًٍكَـَآتـٍَّهـ
قراءة في قانون نيوتن الثالث ( الفعل ورد الفعل )
يكاد يُجمع كل من كتب أو بحث في قانون نيوتن الثالث : ( لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه ) على أن المراد من هذا القانون هو : وقوع فعل من جسم على آخر , ورد الآخر على الأول بإيقاع فعل عليه مساوٍ له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه .
فإذا أثرت الأرض بجاذبيتها على إنسان , رد هذا الإنسان على الأرض بجذبها إليه بمقدار مساوٍ لجاذبية الأرض له – ولكن أثر ذلك لا يظهر لضآلته بالنسبة للأرض - .
وإذا رُمي الحائط بكُرة , رد الحائط على الكرة برميها في الجهة المعاكسة بمقدار ما أثرت فيه .
إنه بالرغم من تبني المؤسسات العلمية والتعليمية لهذا التفسير , نجد تساؤلات حول هذا القانون مازالت تبحث عن إجابات دقيقة . فمن ذلك على سبيل المثال :
إذا ركلتُ كرة بقوة ما , فكيف ستَرد الكرة عليَّ ؟ هل رد الفعل يحدث مع الفعل في وقت واحد ؟ أم بعد انتهاء زمنه كاملاً ؟ إذا كان لكل فعل رد فعل ... فكيف تحصل الحركة أو التحريك أصلاً ؟ هل هذا القانون خاص في التوازن ؟ أم هو يدل على ثبات الأقوى - إن صح التعبير - إن كان الجسمان مختلفين ؟ أم يدل على أن لكل فعلٍ قوةً , وأن هذه القوة لكي تحرك الجسم الآخر , أو تكون مؤثرة فيه عموماً , يجب أن تكون أعظم من رد فعل ذاك الجسم ؟ .................................
أسئلة كثيرة ما تزال الأجوبة عليها غير دقيقة .
بعد تأمل طويل في مضمون القانون الثالث لنيوتن , ظهر لي أنه لا يدل على تبادل التأثير بين جسمين , وإنما يدل على سبب عودة الجسم إلى الثبات بعد ما لحقه من تغيير . وأنه لا تكتمل الإحاطة بمفهوم هذا القانون إلا مع النظر في القانونين الأول والثاني .
فنص القانون الأول : (( يبقى الجسم على حالته من السكون أو الحركة المنتظمة في خط مستقيم , ما لم تجبره قوة على تغيير حالته )) يدل على ثبات الجسم على حالة ما .
ونص القانون الثاني : (( إذا أثرت قوة على جسم ما , فإن هذه القوة تسبب تسارع الجسم في اتجاه القوة , ويتناسب مقدار التسارع تناسباً طردياً مع مقدار القوة , وعكسياًُ مع كمية المادة الموجودة في الجسم )) يدل على ما يغير ثبات الجسم , و كيف تصير حالته .
وأما نص القانون الثالث : (( لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه ))
فإنه – كما ظهر لي - يدل على عودة الجسم إلى ثباته بعد ما لحقه من تغيير .
فلو افترضنا وجود جسمين في مكان معزول , بينهما حركة مستقيمة منتظمة فيكونان بالنسبة إلى بعضهما : أحدهما ساكن والآخر يتحرك حركة مستقيمة منتظمة ( القانون الأول ) فإذا أثرت قوة ما على الجسم الساكن - ولنسمِّهِ ( أ ) - فإنها تجعله يتحرك بتسارع منتظم ( القانون الثاني ) وإذا أثرت قوة ما على الجسم المتحرك حركة مستقيمة منتظمة - ولنسمِّهِ ( ب ) - فإنها تجعله أيضاً يتحرك بتسارع منتظم ( القانون الثاني )
فلو رفعنا القوتين المؤثرتين عن كلٍّ من ( أ ) و ( ب ) , فماذا يحصل ؟ هل يبقى حالهما من التسارع على ما هو عليه ؟
الذي يحصل – كما يخبرنا نيوتن - أن ( أ ) يصبح متحركاً حركة مستقيمة منتظمة وأن ( ب ) ترجع حركته أيضاً إلى مستقيمة منتظمة .
ما هو السبب في ذلك ؟ هنا يأتي القانون الثالث ليقول لنا : عندما أثرت قوة على ( أ ) لنفرض أنها جعلته يتسارع بمقدار ( 1 كم / سا ) فإنه في الساعة الأولى تكون سرعته ( 1 كم / سا ) وفي الساعة الثانية تصبح ( 2 كم / سا ) وفي الساعة الثالثة تصبح ( 3 كم / سا ) وفي الساعة مئة تصبح ( 100 كم / سا ) .....
فلو رفعنا القوة المؤثرة عن ( أ ) في الساعة العاشرة , فإن سرعته تكون ( 10 كم / سا ) ولن تزداد بعد الآن , كما أنها لن تنخفض عن ذلك أيضاً , لأن الجسم ( أ ) منع استمرار أثر القوة عليه بعد أن ارتفعت عنه , وذلك برد هذا الأثر بما يساويه في المقدار ويعاكسه في الاتجاه , وستبقى سرعته ( 10 كم / سا ) إلى الأبد , ما لم تؤثر عليه قوة أخرى , زيادة أو نقصاناً . ويحدث مثل ذلك تماماً في الجسم ( ب ) .
فالأثر هو زيادة كيلو متراً واحداً في الساعة ورد الأثر هو إيقاف هذه الزيادة فقط وسواء أكان هذا الإيقاف يحدث بعد ساعة واحدة , أو بعد مليون أو مليار ساعة ... , فإن الأثر هو زيادة ( 1 كم / سا ) فقط . فليس الأثر هو جعل الجسم يتحرك مليار كيلو متراً في الساعة , لأنه لو كان الأمر كذلك لوجب أن يعود الجسم ( أ ) إلى سكونه بعد رفع القوة المؤثرة عنه ولأن الجسم يتحرك إلى الأبد حركة مستقيمة منتظمة – مهما بلغت سرعته - من غير قوة ثابتة عليه , كما ينص على ذلك القانون الأول .
ويمكننا أن نقول بناء على ما تقدم :
إن المراد برد الفعل في القانون الثالث لنيوتن هو : رد الأثر , أو وقف استمرار الأثر على الجسم بعد ارتفاع القوة المؤثرة عنه . وهو من مدلولات تعريف العطالة الذي يقول : (( يبقى الجسم المعزول عن كل تأثير خارجي ساكناً . وإذا أثرت عليه قوة تحرك . وإذا زالت عنه القوة المؤثرة , تحولت عندها حركته إلى مستقيمة منتظمة . ))
وأما ارتداد الكرة عن الحائط , فهو ليس بردة فعل الحائط , كما هو شائع وذائع , بل هو عدم قدرة الكرة على – تفريغ – كامل ما تحمله من أثر على الحائط , فيكون ارتدادها ليس بسرعة انطلاقها , وإنما ينقص منه ما تركته من أثر على الحائط .
فإذا ترجح ما تقدم , فلا شك أنه ينشأ عنه ما يدفعنا إلى إعادة النظر في بعض المفاهيم , حيث يوصلنا هذا التفسير إلى أن للحركة المستقيمة المنتظمة سرعة ابتدائية .