عندما تجتمع في شخص ما كل المحاسن التي نتفق معها مضموناً وشرعاً فإننا بلا شك محظوظين برفقته طالما أننا سلمنا من شره بخيره ... ماذا لو بحثنا في سجله لتقصي خيباته للبحث عن نواقصه وسلوكياته أيعقل أن نجد شخصاً كامل الحسنات لا تشوبه سيئة أو خطيئة بالطبع لا ..!!
(فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون)
حسناً ذلك ندركه جميعا بأننا كبشر غير معصومين من الخطأ.. ما كنت أنوي تسليط الضوء عليه هنا هو تلك النقطة السوداء التي تفسد جمال الثوب الأبيض هل من الإنصاف أن نعمم صفة الاتساخ على ثوب لم ينل من اكتماله سوى نقطة !!
هنا المغزى فمن يحكم على شخص بأنه فاسد لمجرد عيب واحد تمكن منه ولم يستطع منه خلاصاً فإنه ( ظالم ) ..
الكثير منا اليوم بات ينظر للإناء من ( زاوية واحدة ) لا تتيح له سوى رؤية الفارغ منه قبل التعمق في نصفه الممتلئ الآخر فهل من العدل أن يحكم مجازاً عليه بأنه فارغ بمجرد نظرة سريعة غير ثاقبة لمحتواه الحقيقي !!
لماذا أصبحت نظراتنا لبعضنا تتسم بالسطحية نهب أنفسنا حق الحكم على الآخرين بينما نغض الطرف عن أخطائنا وكأننا ملائكة منزهين عن الزلل !! ما أريد قوله هنا أن كل إنسان منا على ظهر هذه البسيطة معرض لارتكاب خطأ برغم إيجابياته الكثيرة وأن الحكم على البشر لم يكن شرعاً لبشر خطائين مثلهم بل إن الحكم لله الواحد الأحد.. فلو أننا نظرنا لبعضنا نظرة شمولية لتفحصنا من الجسد أجمله وابتعدنا عن نظرة الفاحص المدقق الذي يبحث عن مواطن اختباء الدود التي تنخر الكيان فتفسده وتتلف ما حوله !!
نحن وللأسف مازلنا وحتى هذا اليوم من قرننا الواحد والعشرين نعامل الصديق والجار حتى الباحث عن عمل لدينا ( كخاطب ) نجيز لأنفسنا التنقيب في ماضيه والبحث عن ثغراته لننجو بأنفسنا منه بحجة واهية !! و والله الذي نفسي بيده أن ذلك جور وظلم كبير فإن الناقص هو من يبحث بعين نقصه عن المساوئ !!
و(العين المريضة) هي التي تقع على النقطة السوداء في اللوح الأبيض فتراها بوضوح وتميزها ..!!
و(السوي )هو من ترفع عن النظر للأسفل لمواطن العثرات والسقوط هو من أدرك أنه كغيره يحمل عيوباً جمة يخاف أن يطلع عليها الناس فيكرهوه !!
ولو جعل الله للذنوب رائحة لما استطعنا الجلوس بجوار بعضنا البعض وتلك حكمة منه تعالى بأن يستر على العبد بما يحفظ به ماء وجهه
فليس لنا حق بأن نتتبع الأخطاء لنبني عليها أسس الاعتماد الفاشل !! وللنظر لبعضنا بعين ( التغاضي ) تلك العين الجميلة التي ترى ما حولها جميلاً مثلها ولننصت لقوله تعالى