يتوهم البعض أن هذه الحياة ملهاه، فهم دائما عابثون ضاحكون ، ويتوهم البعض الآخر أنــــها مأساة ،فهم دائما شاكون باكون ، أما الواقع الذي يتجاهله الكثيرون ، أنها لاهذه ولا تلك، إنما هي مهزلة ....مهزلة ساخرة إذ تتلاقى فيها شتى المتناقضات ....فتتعانق تارة ، وتتصارع تارة أخرى .... وعلى مسرحها تتعاقب مختلف الروايات باختلاف الفصول والمشاهد ، والمنــــــاظر والصور ....وذلك من هناء وشقاء .... وبأس ورجاء ....وبقاء وفناء .... وهزل وجد .
والعجيب !! أن أمل المرء فيها موصول بما يعانيه منها فهو دائم التمني والرجاء مهمـــــا كانت صلته بها من تعب وشقاء ، وهى صلة وثيقة لا ينفصم عراها أبدا ، وأساسها الرغبـــــــة والنزوع ....وسداها التطلع والطموح .... لكن العاقل من أخذ الحياة على علاتها ، واستقبلها كما هي ....لا يتبرم منها .... ولا يتكالب عليها .... ولا يطمئن لها كثيرا لو فتحت له ذراعيها.... وليس بالضرورة أن يضحك عاليا بل يكفى أن يبتسم حتى لا يصطدم فيما بعد بقراراتها .
ومن حاول دائما أن يعيش بين الناس راضيا ، لابد أن يشاركهم وجدانهم ، فيرثى لآلامهم ، ويسعد لسعادتهم ، وييأس لمأساتهم ، ويسخر من سخرياتهم ،لأنه فى الحقيقة مثلهم فهو فرد منهم ولهم ولن يستطيع أبدا أن يحيا وحده أو بدونهم ، ولابد أن يتقبل الضـــــــــراء كما يسعد بالسراء . ( هذه هي الحياة كما أراها ، وبالطبع هناك أّراء أخرى للبعض الآخر)