من كنـوز الخير
إن المترقي في منازل الآخرة يحتاج وهو في أثناء الصعود إلى ما يثبته ويعينهُ على عملية الترقي من منزلة إلى منزلة أخرى ، وليس شيئاً أعظم من الصبر على عملية الصعود ، كالذي يصعد الجبل فإنه يحتاج إلى صبر حتى يستطيع الاستمرار وإلا رجع في منتصف الطريق .
• أهميـة الصبر في القرآن : قد ذكر الله تعالى الصبرفي القرآن في نحو تسعين موضعاً وأضاف إليه أكثر الخيرات والدرجات وجعلها ثمرة له ، قال تعالى :
إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب
• قال الشيخ السعدي رحمه الله : هذا عام في جميع أنواع الصبر :
- الصبر على أقدار اللّه المؤلمة فلا يتسخطها .
- والصبر عن معاصيه فلا يرتكبها .
- والصبر على طاعته حتى يؤديها .
فوعد اللّه الصابرين أجرهم بغير حساب، أي: بغير حد ولا عد ولا مقدار، وما ذاك إلا لفضيلة الصبر ومحله عند اللّه، وأنه معين على كل الأمور . اهـ وقال تعالى :
ولئن صبرتم لهو خيرٌ للصابرين
- قال الحسن البصري رحمه الله : الصبر كنز من كنوز الخير ، لا يعطيه الله عز وجل إلا لعبد كريم عنده .
• أقـسام الصبر : قال ابن قدامة المقدسي رحمه الله :
1- الصبر على الطاعات : فيحتاج العبد إلى الصبر عليها ..
• ويحتاج العبد إلى الصبر على الطاعة في ثلاثة أحوال :
- الحالة الأولى : " قبل العبادة " وهي : تصحيح النية ، والإخلاص والصبر عن شوائب الرياء .
- الحالة الثانية : " في أثناء العبادة " وهي : أن لا يغفل عن الله في أثناء العبادة ، ولا يتكاسل عن تحقيق الآداب والسنن ، فيلازم الصبر عن دواعي الفتور إلى الفراغ من العمل .
- الحالة الثالثة : " بعد الفراغ من العبادة " وهي : الصبر عن إفشائه والتظاهر به لأجل الرياء والسمعة ، وعن كل ما يبطل عملهُ .
2- الصبر على المعاصي : وما أحوج العبد إلى ذلك ، فيحتاج العبد أن يصبر عن البعد عن المعاصي (الزنا ، وشرب الخمر والدخان ، والنظر إلى الحرام ، والغيبة ، والنميمة ، والسب ، وإلى غير ذلك من أنواع المعاصي ... ) .
3- الصبر على المصائب : مثل موت الأحبة ، وهلاك الأموال ، وزوال الصحة ، والصبر على أذى الناس القولي والفعلي ، وسـائر أنواع البلاء ..
• الصبر على عشرة وجوه:
1. الصبر عن المعاصي
2. والصبر على الفرائض
3. والصبر على الشبهات
4. والصبر على الفقر
5. والصبر على الأوجاع
6. والصبر على المصائب
7. والصبر على أذى الناس
8. والصبر عن الشهوات
9. والصبر عن فضول الكلام
10. والصبر على النوافل.
• وكل عمل من هذه الوجوه تعمله وهو شاق عليك فأنت فيه صابر وكل عمل تعمله منها وليس فيه مشقة فليس ذلك من باب الصبر ويكون ذلك من حسن المعونة من الله سبحانه لعبده كفاه مؤونة المشقة وأذاقه حلاوة المعونة.
• المصـــائب كفارات للذنوب :
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
[ لا يزال البلاء بالمؤمن أو المؤمنة ، في جسده ، وماله ، وفي ولده ، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة ]
رواه الترمذي .
- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
[ ما يصيب المسلم من وصب ولا نصب ولا همٍ ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه ]
متفق عليه .