مواقف صعبة يمر بها الإنسان خلال حياته، ومن المؤكد أن المرض من أصعبها لما له من تأثير على حركة الإنسان ونشاطه وحياته، حتى أنه وفي سبيل التخلص منه قد يعاني العديد من المشقات والآلام خلال العلاج. لكن التطور الذي نعيشه لم يستثن الطب بل كان الطب من أكثر المجالات المستفيدة من هذا التطور خاصة في مجال التقنيات الحديثة التي تساهم في تشخيص الأمراض أو الكشف المبكر عنها، فما كان شفاؤه صعب قبل عشرين سنة أصبح الآن من أبسط الأمراض..وسورية ليست بعيدة عن هذه التطورات التي يعيشها العالم فهي تحاول من خلال بعض من أطبائها المتابعين أن تنقل إلينا كافة هذه المستجدات والتقنيات... وعن آخر التقنيات التي وصلت إلى سورية مؤخراً هي كبسولة تستخدم في التنظير سمحت للأطباء في الوصول إلى أماكن كانت عمياء في جسم الإنسان بالنسبة لهم، عن هذه التقنية وطريقة استخدامها التقت بلدنا الدكتور "فايز صندوق" الذي يعتبر أول طبيب سوري يستخدمها... الذي حدثنا قائلاً "بدأ عالم التنظير منذ أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، وهو من الأمور غير المحبذة لدى الناس بسبب الخوف منه الناتج من التجارب السابقة للمرضى حيث كان يتم إدخال جهاز قاس في فم المريض، أو في شرجه ودون تخدير الأمر الذي كان يسبب آلاماً وإزعاجاً شديدين، لكن خلال العشرين سنة الماضية تطور التنظير كثيراً، فأصبحت الأجهزة التي تستخدم لإدخالها في فم المريض أكثر مرونة، ورافقها تطور في طرق التخدير الخاصة بالتنظير، فضلاً عن خبرة الأطباء في هذا المجال، فأصبح المريض الذي يقوم بالتنظير الآن لا يشعر بأي ألم".
ويضيف الدكتور "صندوق" عن التقنية الحديثة التي يستخدمها مجدداً: "دخلت الآن تقنية أكثر تطوراً في عالم التنظير وهي تستخدم لأول مرة في سورية وهي كبسولة عبارة عن عدسة كاميرا بحجم حبة الدواء الكبيرة تحتوي في رأسها كاميرا تقوم بتصوير الأمعاء الدقيقة".
وعن التطور الذي أدخلته هذه الكبسولة في مجال التنظير بالنسبة للأطباء يتابع: "إن طرق التنظير التقليدية تسمح لنا بتغطية عدة مناطق فمن الأعلى تسمح لنا بتغطية منطقة المري والمعدة والاثني عشرية، ومن الأسفل منطقة الأمعاء الغليظة حتى بداية الأمعاء الدقيقة، أما الكبسولة فإنها تغطي المنطقة التي لم نكن نستطيع أن نراها في المناظير التقليدية ألا وهي منطقة الأمعاء الدقيقة".
ويضيف: "هناك أحد المناظير التقليدية التي يطلق عليها اسم المنظار الطويل يمكننا من الوصول إلى الأمعاء الدقيقة التي يبلغ طولها 6 أمتار لكن مشكلة هذا المنظار أنه طويل ويأخذ فترة طويلة من 2 إلى 3 ساعات، وتخديره واسع ويطلق عليه أيضاً اسم التنظير دوبل بالون ويستخدم في الحالات العلاجية لكن لا نستطيع أن نطبقه على كل الحالات".
"أما بالنسبة للكبسولة الحديثة فهي تعطينا دراسة دقيقة عن الأمعاء الدقيقة تصل إلى نسبة 97% والآن تجرى محاولات لتطويرها لتصبح لها مهام علاجية فمهامها الآن لا تتعدى التشخيص فقط" .
وحول ما إذا كانت الكبسولة تعطي نسبة الدقة نفسها في تشخيص المعدة يتابع الدكتور "صندوق": "المعدة جوف واسع والكبسولة صغيرة وبالتالي من الصعب أن تكشف لنا المعدة كلها لذلك الكبسولة تعطينا الآن فكرة عن المعدة لكنها غير كافية لدراستها بدقة عالية والآن تجرى أبحاث لتطوير الكبسولة لدراسة المعدة بواسطة جهاز تحكم".
أما عن طريقة عمل الكبسولة والتحضير لها يحدثنا الدكتور صندوق قائلاً: "إن الطريقة سهلة وغير مزعجة حيث يتم وضع أقطاب وهي "أسلاك خاصة" على بطن المريض، ويتم حمل المسجل بجانب جسم المريض الذي يقوم ببلع الكبسولة بعد تفعيلها، وبعدها يقوم المريض بممارسة حياته الطبيعية وبعد 8 ساعات يعود للطبيب الذي يقوم بأخذ التسجيل من جهاز المسجل الذي يحمله المريض ليقوم بدراسته وقد تستغرق مدة الدراسة الساعة ونصف ثم يعطى المريض بعض الصور التي تم تسجيلها، أما عن الكبسولة فيطرحها جسم المريض مع البراز. ويضيف: "أن هذه العملية والتنظيرية ليس لها أية أعراض جانبية".
أما بالنسبة لتكاليف هذه العملية يتابع أن ثمن الكبسولة غالية الثمن فسعرها 700 دولار، حيث نستوردها من اليابان أما في أميركا فهي أغلى حيث يصل ثمنها إلى 1000 دولار، وبالنسبة للمجوعة المرافقة لها يصل سعرها إلى 20 مليون ليرة سورية. وبالتالي إجراء التنظير بواسطتها مكلف قليلاً إذ يكلف المريض 50 ألف ليرة سورية.
وعن السبب الذي يؤخر الأطباء في سورية من استخدامها يوضح الدكتور "إن استخدامات الكبسولة أقل من طرق التنظير العادية وبالتالي هي أكثر استخداماً في المراكز المتخصصة في التنظير بالإضافة لتكلفتها العالية بالنسبة للمريض، خاصة أنها إجراء تشخيصي وليس علاجي، ويتابع: "بالنسبة لي كطبيب أفهم أن هناك الكثير من الفئات غير قادرة على تحمل نفقاتها وفي بالمقابل لا أقبل لأي شخص مقتدر أن يسافر إلى أحد دول أوروبا من اجل الكبسولة وإنما يستطيع أن يستعملها في تشخيص مرضه هنا في سورية بدلاً أن يتكبد مشاق وتكاليف السفر إلى الخارج".
وعن انتشار الكبسولة في العالم يضيف: "أن الكبسولة كانت منتشرة في العالم منذ 7 سنوات تقريباً، لكن اليابان بدأت بتصنيعها منذ سنتين، وبدأت باستخدامها من ثلاث أشهر".
كلمة للدكتور فايز صندوق "إن هناك بعض القنوات الفضائية تروج للكبسولة على أنها تغني عن التنظير وهذا الكلام غير دقيق لكنها في الحقيقة متممة للتنظير وغير كافية للعلاج بالإضافة إلى أنها تشخيصية وليست علاجية حتى الآن".
.gif){kind=icon}
: 
