[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]سورية المعاصرة: يمكن تقسيم تاريخ سورية المعاصر إلى فترتين، تبدأ الأولى بدخول قوات الاستعمار الفرنسي إلى سورية سنة 1920م، إلى حين خروجهم منها سنة 1946م، وتبدأ الثانية منذ الجلاء حتى الثامن من آذار عام 1963
أ ـ الفترة الأولى: في 7 آذار 1920م توج الأمير فيصل ملكاً على سورية، وتألفت أول وزارة سورية برئاسة رضا الركابي، بيد أن الجنرال غورو الذي احتل بقواته لبنان، أرسل إنذاره إلى فيصل يدعوه فيه إلى تسريح الجيش والاعتراف بـالانتداب الفرنسي على سورية، رفض السوريون هذا الإنذار بإباء، وجرت معركة ميسلون يوم 24/7/1920م، وانتهى الأمر بدخول القوات الفرنسية إلى دمشق، وعلى الفور قامت بعدة إجراءات استهدفت تقطيع أوصال الوطن الواحد لتسهل السيطرة عليه، فأنشأت ما يعرف بلبنان الكبير وألحقت به عدة أقضية تابعة لسورية، ودولة العلويين ودولة حلب ودولة الدروز ودولة دمشق غير أن الأهالي في سورية هبوا عن بكرة أبيهم رافضين هذا التقسيم، واشتعلت الثورات في الشمال كما في الجنوب، ولم يتمكن المفوضون الساميون الذين جاؤوا من بعد غورو (ويغان ـ سراي ـ دوجوفنيل ـ بونسو) من تهدئة الأوضاع، وتكبد الفرنسيون خسائر كبيرة بالفترة ما بين 1920-1927م نتيجة المعارك المحتدمة، الأمر الذي أجبر الفرنسيين على إجراء مفاوضات انتهت بإعادة الوحدة للبلاد.
بدأت فترة النضال السياسي مع بداية عام 1928م، بتشكيل جمعية تأسيسية وضعت أول دستور للبلاد، من أهم بنوده المطالبة بالاستقلال وخروج القوات الفرنسية منها، ولما رفضت سلطات الاحتلال هذا المطلب قابلها الشعب بالإضراب وإغلاق الأسواق وتعطيل المرافق العامة، تلتها صدامات دامية أجبرت سلطات الاحتلال مرة ثانية على المفاوضات وتقرر تشكيل وفد وطني برئاسة هاشم الأتاسي، توجه إلى باريس وعاد بالمعاهدة المعروفة باسم «معاهدة 1936» التي أكدت على سيادة البلاد ووحدتها، مقابل أن تحترم سورية استقلال لبنان وتتنازل عن مشروع وحدته مع سورية. وفي غضون ذلك برزت مشكلة لواء اسكندرون وبدأت نذر الحرب العالمية الثانية تلوح في الأفق مما جعل الفرنسيين يتحفظون على تصديق المعاهدة فاستقالت حكومة جميل مردم، وتبعتها استقالة رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي، وتعرضت البلاد من جديد لأزمات وزارية متتالية انتهت بوصول حكومة المديرين برئاسة بهيج الخطيب إلى السلطة، وهي الحكومة التي كانت تأتمر بأوامر الانتداب، ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية وضعت البلاد تحت وطأة الأحكام العسكرية.
في حزيران 1940م قامت في فرنسا حكومة فيشي بزعامة الماريشال بيتان الموالية لألمانيا، فأرسلت حكومته الجنرال دانتز مندوباً سامياً إلى سورية، وفي عهده اغتيل الدكتور عبد الرحمن الشهبندر، وشهدت البلاد حوادث عنف واعتقالات من جانب السلطات الفرنسية. أما على الصعيد الدولي فقد توجست بريطانيا خيفة من أن تقوم ألمانيا بعملية إنزال في سورية ولبنان لمساندة قوات فيشي، فوجهت سنة 1941م بعض وحداتها العسكرية مع فرقة من قوات «فرنسا الحرة» التي كان يرأسها الجنرال دوغول، وتمكنت من طرد قوات فيشي وتعيين الجنرال كاترو مندوباً سامياً في سورية، فأعلن بموجب بيان أصدره فور وصوله استقلال سورية، وتعيين الشيخ تاج الدين الحسيني رئيساً للجمهورية، ولكن مع بقاء البلاد تحت الحكم الفرنسي المباشر. في كانون الثاني من عام 1943م توفي رئيس الجمهورية، وجرت انتخابات عامة فاز فيه معظم أعضاء الكتلة الوطنية وأعيدت الحياة النيابية إلى البلاد، وانتخب شكري القوتلي رئيساً للجمهورية، وعهد إلى سعد الله الجابري بتشكيل حكومة جديدة استهلت عملها بمطالبة فرنسا باستحقاقات الجلاء. وفي آذار من عام 1944م عين الجنرال بينيه مندوباً جديداً في سورية، فأخذ منذ مجيئه يماطل في تنفيذ القرارات المتعلقة بالاستقلال، وخاصة أن الحرب العالمية الثانية قد انتهت وخرجت فرنسا مع حلفائها منتصرة، وأخذ الجنرال بينيه يعيد تنظيم قواته ويطلب المزيد منها، وبدا كما أنه سيعيد فرض الهيمنة الفرنسية من جديد، ومع إصرار الرئيس شكري القوتلي على ضرورة أن تفي فرنسا بالتزاماتها الخاصة بالانسحاب، اشترط الجنرال بينيه منح بلاده بعض القواعد الجوية في سورية وإبقاء الجيش تحت القيادة الفرنسية حتى إشعار آخر. غير أن الأهالي قابلوا هذه المطالب بالاستنكار بعد أن أدركوا أنها تندرج في إطار تراجع السلطات الاستعمارية عما كان قد اتُفق عليه، وترافقت هذه المواقف مع بعض الأعمال الاستفزازية، حينما أخذت الدبابات الفرنسية تجوب شوارع المدن السورية وقد امتلأت بالجنود المرتزقة، وهم يطلقون النار بالهواء بحجة الاحتفال بانتصار الحلفاء، فقابلها الشعب بالسخط والمظاهرات، وانضم إليها النواب وبعض الفصائل الوطنية معلنين وضع أنفسهم تحت تصرف القيادة للدفاع عن الوطن، وفي يوم 29/5/1945م توجهت القوات الفرنسية إلى مجلس النواب واقتحمت حديقته فتصدت لها حامية المجلس بشجاعة وارتكب الجنود الفرنسيون المجزرة المعروفة التي ذهب ضحيتها ثمانية وعشرون وطنياً لتشتعل في أعقابها الثورات من جديد في مختلف المحافظات، وهوجمت الثكنات العسكرية في حلب وحماة وأسفرت المواجهات عن مقتل أعداد كبيرة من الفرنسيين وإسقاط عدد من طائراتهم، واستولى الثوار على مجموعة من المجنزرات والآليات، وفي الوقت نفسه تقدمت سورية بطلب إلى مجلس الأمن تطالب فيه بجلاء القوات الفرنسية عن أراضيها، فأصدر المجلس قراره بذلك وتم )+)إجلاء آخر جندي فرنسي عن سورية يوم 15/41946م، بعد احتلال دام أكثر من ربع قرن=الجلاء)+).
ب ـ الفترة الثانية عشية الاستقلال كان شكري القوتلي رئيساً للجمهورية، وسعد الله الجابري رئيساً للحكومة، وأغلب الوزراء من أعضاء الكتلة الوطنية، وبسبب عدم خبرة القيادة الوطنية، وبسبب عدم خبرة القيادة فإنها كانت غير قادرة على تصريف الأمور على النحو الذي يلبي طموحات الجماهير، الأمر الذي عرقل مسيرة العمل السياسي، وبدأت تتكون بعض الأحزاب والتكتلات السياسية، كـحزب الشعب، والحزب الوطني، والحزب القومي العربي، وحزب البعث، التي انبثق بعضها عن الكتلة الوطنية وكلها كانت تدعو إلى الانتقال بالبلاد نحو الأفضل ورفض الواقع المتخلف الذي تعاني منه. ومنذ اللحظة الأولى التي بدأ فيها الحكم الوطني مسيرته، أخذت البلاد تتعرض لأزمات داخلية بسبب سوء التعاطي مع الشأن السياسي، وأخرى خارجية ناجمة عن طرح مشروعي سوريا الكبرى والهلال الخصيب، حيث بدأ عهد الانقلابات العسكرية يلقي بظلاله على البلاد مما أعاق مسيرتها النهضوية على المستويات كافة، ففي نيسان 1948م أعيد انتخاب القوتلي لرئاسة الجمهورية فترة ثانية، وتم تكليف جميل مردم بتشكيل الحكومة. ونتيجة لأحداث نكبة 1948 انتشرت المظاهرات والمسيرات الحاشدة في جميع المدن السورية وامتدت حتى نهاية 1948م، مما أدى إلى استقالة جميل مردم وتكليف خالد العظم بتشكيل وزارة جديدة، معلنة تحسين مستوى الاقتصاد واستنقاذ فلسطين، غير أن قيام الهدنة بين سورية و«إسرائيل»، وذهاب وفد سوري إلى جزيرة رودس للتفاوض مع الوفد «الإسرائيلي» عن طريق مبعوث الأمم المتحدة، أجج المشاعر الشعبية فتدخل الجيش لحماية الأمن، وفرضت الأحكام العرفية، وبدا واضحاً تدخل بعض الضباط في الشأن السياسي على خلفية انتقادات بعض أعضاء مجلس النواب للمؤسسة العسكرية، الأمر الذي دفع الزعيم (العميد) حسني الزعيم إلى القيام بحركة انقلابية في 29/3/1949م، أودت بالحياة الدستورية في البلاد بعد القبض على رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.
إبان حكم الزعيم الذي امتد لغاية 14/8/1949م، اضطهدت بعض الشخصيات الكبيرة، ولم يعبأ الانقلاب بالمبادئ السياسية، وساءت العلاقة بين سورية ودول الجوار، ومتَّن الزعيم علاقته بدول الغرب، وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة وبريطانيا. وبعد منتصف ليلة 14/8 وقع الانقلاب الثاني الذي قاده العميد سامي الحناوي، متهماً الزعيم بتبديد الثروة الوطنية ومصادرة الحريات، وعلى الفور حكم عليه وعلى رئيس وزرائه محسن البرازي بالإعدام، وتم تشكيل حكومة جديدة برئاسة هاشم الأتاسي الذي كلف بمهام رئيس الدولة، وراح يسعى لإعادة الحياة الدستورية، في غضون ذلك ظهرت ثلاثة تيارات سياسية، تمثّل التيار الأول بجماعة الحزب الوطني، والثاني بحزب الشعب، وتمثل التيار الثالث بدور الجيش الذي أصبح نافذاً بعد أن تبين للكثير من ضباطه أن باستطاعة أي منهم أن يطيح بالدولة ويقرر ما يشاء، وفي 19/12/1949م، قام العقيد أديب الشيشكلي بالانقلاب الثالث بحجة أن الحناوي وبعض الزعماء السياسيين كانوا على صلة بجهات أجنبية، ولكن التنافس على السلطة كان وراء تشكيل الوزارة وإقالتها لأكثر من عشر مرات، وفي كل مرة كانت تستغل الخلافات الحزبية بين المتنفذين من الساسة الكبار، الأمر الذي دعا الشيشكلي إلى القيام بانقلابه الثاني في 19/11/1951م، فاستقال هاشم الأتاسي وعهد إلى الزعيم فوزي سلو برئاسة الجمهورية، وأيد الأهالي حركة الشيشكلي أملاً في تخليص البلاد من الفوضى التي أدت إلى أزمات وزارية متتالية، وفي تموز 1953م أشيع أن الرئيس فوزي سلو أصيب بمرض عضال فتولى أديب الشيشكلي مقاليد الحكم وانتخب رئيساً للجمهورية، وأعلن عن تشكيل حزب جديد عرف باسم «حركة التحرير العربي» ليواجه به أنصار الحزبين الكبيرين (الوطني والشعب) وباقي الأحزاب الأخرى، بيد أن حزب الشيشكلي لم يلق الدعم في الأوساط الشعبية، واقتصرت العضوية فيه على المقربين من أتباعه، ثم إن الشيشكلي أبعد عدداً من المسؤولين وكبار الضباط عن مواقعهم، وزج ببعض خصومه في السجون والمعتقلات. وفي أعقاب اندماج حزبي البعث العربي والاشتراكي العربي في حزب واحد «حزب البعث العربي الاشتراكي» عام 1953م، دعا هذا الحزب ومعه الحزب القومي السوري والإخوان المسلمون والحزب الشيوعي في اجتماع عقد في مدينة حمص 5/11/1953م إلى تشكيل جبهة معارضة لرفض كل أشكال الديكتاتورية، وكشف المؤتمرون عما قامت به السلطة، بالاعتماد على رجال الدرك والشرطة، من تزوير لنتائج الانتخابات، وبدأت المظاهرات تعم أرجاء البلاد وفرضت الأحكام العرفية ولجأت السلطات إلى قمع المظاهرات الشعبية والطلابية، وامتلأت السجون بالمعتقلين، وحصل في جبل العرب ما يشبه التمرد، وقمع بمنتهى الشدة، وفي شباط 1954م، اتسع نطاق النقمة حينما ثارت مجموعة من الضباط في حامية حلب ودعت الشعب والجيش للوقوف بوجه الحكم الديكتاتوري، وانضم إليها مجموعات أخرى من قيادات دير الزور واللاذقية وحمص وحوران، الأمر الذي جعل الشيشكلي يغادر سورية إلى السعودية في 28 شباط 1954م، وعاد هاشم الأتاسي إلى منصبه رئيساً للجمهورية، وتم تكليف صبري العسلي بتشكيل وزارة جديدة.
وفي هذه الأثناء ضاعفت الولايات المتحدة الأمريكية من جهودها لضم سورية إلى تحالفها عبر المشاريع الاستعمارية (حلف بغداد)، غير أن البلاد أكدت تمسكها بالثوابت القومية، وبدأت تتسع دائرة حزب البعث بسبب تبنيه مبدأ الوحدة العربية ومناهضة القوى الاستعمارية والتصدي لمشاريعها، وحينما جرت انتخابات أيلول 1954من النيابية، فاز البعثيون بسبعة عشر مقعداً نيابياً، وكان من أهم المقررات التي وافق عليها البرلمان الجديد انضمام سورية إلى دول ميثاق الضمان الاجتماعي المؤلف من مصر والسعودية وسورية، وانتخاب شكري القوتلي رئيساً للجمهورية. شهدت الساحة السورية إبان مدة رئاسته، التي انتهت بقيام الجمهورية العربية المتحدة في شباط 1958، بعض القضايا المهمة: منها إغلاق مكاتب الحزب القومي السوري في أعقاب اغتيال العقيد عدنان المالكي في نيسان 1955م، والتوقيع على ميثاق للدفاع السوري المصري 20/11/1955، ووقوفها إلى جانب مصر في أثناء تعرضها للعدوان الثلاثي 1956، إضافة إلى مساندتها لأقطار المغرب العربي، وتقديم ما أمكن من المساعدات المتاحة لها إلى أن حصلت على استقلالها. ونتيجة لهذه المواقف فقد تعرضت إلى ضغوط غربية مكثفة، وأصبحت ساحتها مستهدفة للعديد من المؤامرات لصالح الأهداف البريطانية والأمريكية، وحينما كشف النقاب عنها أو عن بعضها صرح وزير خارجية الولايات المتحدة بعد جولة قام بها إلى تركيا والعراق أن دول الجوار غير مطمئنة، بسبب تدفق الأسلحة من بعض الدول الشرقية إلى سورية، مما دفع تركيا لحشد أعداد كبيرة من جيشها على الحدود السورية، مع تحركات الأسطول السادس الأمريكي. ولقطع الطريق على سياسة الاستهداف هذه عمدت الحكومة إلى تسريع خطى الوحدة مع مصر بوصفها ضرورة إستراتيجية لمواجهة هذه التحديات من جهة، ولإحكام الطوق حول الكيان الصهيوني للحد من أطماعه التوسعية والعدوانية من جهة ثانية، وتم إرساء قواعد الوحدة الفدرالية في كانون أول 1957. وبعد إجراء استفتاء عام وافق الشعبان العربيان في مصر وسورية على الوحدة المقترحة وتم انتخاب الرئيس جمال عبد الناصر أولَ رئيس للجمهورية العربية المتحدة يوم 22/2/1958، وعلى الرغم من قصر مدتها، فإن دولة الوحدة أحيت الأمل في النفوس لامتلاك زمام المبادرة، وأيقظت في الأمة إحساسها بالقدرة على استعادة دورها الحضاري والتاريخي، وتعامل معها السوريون على أنها الخطوة الأولى باتجاه الوحدة العربية الكبرى من أجل القضاء على التخلف وواقع التجزئة، ومن أجل التحرر السياسي والاقتصادي، وفي سنوات الوحدة القليلة، أحبطت القيادة المنتخبة الكثير من المخططات الاستعمارية التي كانت تستهدف كلاً من مصر وسورية، وأكدت على التزام الثوابت القومية، وتحرير فلسطين، والعمل على حماية الاستقلال الوطني والتقدم الاجتماعي والاقتصادي، بيد أن القوى الاستعمارية التي وجدت في الوحدة خطراً يهدد مصالحها لجأت إلى التآمر مع بعض الأنظمة العربية المرتبطة بها، ومعه عناصر عميلة وأخرى انتهازية، وجدت أن دورها قد تراجع بقيام دولة الوحدة، فقامت جميعها بالتنسيق فيما بينها ضد هذا المشروع النهضوي، مستغلة بعض الأخطاء التي وقعت، وقادت حركة الانفصال 28تشرين الأول 1958 في أشأم يوم من تاريخ العرب المعاصر.
انتخب الدكتور ناظم القدسي رئيساً للجمهورية، وكلف مأمون الكزبري بتشكيل أول حكومة انفصالية. وفي مرحلة الانفصال كان الحكم الفعلي بيد العسكريين، واللافت في هذه المرحلة أنها كانت مترعة بالأحداث، إذ سرعان ما بدأ الخلاف يذر قرنه ما بين الضباط الذين قادوا عملية الانفصال، وتجاوزت الانقسامات صفوف الجيش إلى البرلمان فنشأت خلافات حادة بين الأحزاب التقليدية والمحافظة والكتل العشائرية، وأعلن بصعوبة عن تشكيل حكومة جديدة برئاسة معروف الدواليبي، ألغت قوانين التأميم وأدخلت بعض التعديلات على قانون الإصلاح الزراعي، وأمرت بتسريح عدد من ضباط الجيش بسبب انتماءاتهم القومية، الأمر الذي أدى إلى سخط شعبي عارم، تبعه قيام بعض وحدات الجيش بالتمرد، وأسفرت المصادمات عن سقوط قتلى وجرحى، وكادت البلاد أن تدخل في حرب أهلية.
لم تهدأ الأحوال بإقالة وإبعاد من كان له دور في عملية الانفصال. فعلى خلفية اعتقال بعض الضباط الوحدويين، خرجت المظاهرات مرة ثانية في مدن الشمال وفي الوقت نفسه كان الصراع قد بلغ مداه بين المتنافسين على الحكم مما أدى إلى أزمات وزارية متتالية؛ (وزارة الكزبري ـ الدواليبي ـ بشير العظمة ـ سعيد الغزي ـ خالد العظم) حينها أدركت الأمة خطورة المأزق الذي حشرت فيه البلاد، فسارعت مجموعة من الضباط الوحدويين، بتاريخ الثامن من آذار 1963م بالسيطرة على مقاليد الحكم، وأُعلن عن تشكيل مجلس وطني لقيادة الثورة ضم جميع العناصر الوحدوية، ترأسه الفريق لؤي الأتاسي على أمل إعادة الوحدة، ولكن هذه المرة ما بين مصر وسورية والعراق، غير أن الجدل الذي أسفرت عن محادثات نيسان عمقت الخلاف ما بين الرؤى البعثية والناصرية حول مسألة الوحدة، وآلت الأمور إلى تولي حزب البعث العربي الاشتراكي مقاليد السلطة وإعادة تشكيل مجلس وطني جديد تولى رئاسته الفريق أمين الحافظ.
وشهدت ستينات القرن العشرين صراعاً حاداً في صفوف الحزب، وظلت الخلافات تتفاقم حتى قام الرئيس الراحل حافظ الأسد، وزير الدفاع آنذاك، بوضع حد لها حين قاد الحركة التصحيحية في 16 تشرين الثاني عام 1970. وفي 21 تشرين الثاني صار رئيساً للوزراء، ثم انتخب رئيساً للجمهورية في 12 آذار عام 1971، واستطاع في سنوات قيادته التغلب على الأوضاع الصعبة التي كانت تعانيها البلاد، والنهوض بها في المجالات كافة.
بعد وفاة الرئيس حافظ الأسد في 10/6/2000، تم اختيار الدكتور بشار الأسد لمنصب رئيس الجمهورية بتوصية من القيادة القطرية لحزب البعث، وأُقرت تلك التوصية من قبل مجلس الشعب في جلسته التي عقدت بتاريخ 10/7/2000، ثم جرى بعدها استفتاء شعبي عام تم فيه انتخابه رئيساً للجمهورية يوم 17/7/2000. وهو يقود البلاد اليوم بحنكة ودراية سواء في سياسته الخارجية أو في مجالي التطوير والتحديث.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]