هذا ليس قبرا.. هذا أغنية من المرمر". هكذا وصف نهرو تاج محل. بينما وصفه الشاعر طاغور بأنه "دمعة علي خد الخلود". وقال الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون عقب زيارته لتاج محل: إن العالم ينقسم إلى اثنين... أولئك الذين زاروا تاج محل وهؤلاء الذين لم يحظوا بزيارته. إنه تاج محل..الضريح الذي قرر شاه جيهان أن يبنيه لزوجته وحبيبته ممتاز محل واستغرق بناءه عشرين عاما ليعمل فيه 20 ألف فنان وخطاط ونقاش ومعماري. وأصبح تاج محل من معجزات الدنيا السبع الخالدة. كما يعد من أجمل المباني الإسلامية في الهند من حيث الروعة والزخرفة والتصميم الهندسي.وهو مبنى عملاق يشرف على مدينة أكرا بالهند، والتي كانت عاصمة المغول في ذلك الحين إلى أن قام الإمبراطور شاه جهان الذي حكم الهند قبل أكثر من 300 سنة بنقل العاصمة من أكرا إلى مدينة دلهي والتي هي عاصمة الهند حتى اليوم.
[center]تغير تاج محل بتغير فصول السنة وأوقات اليوم. فالزهور تظهر بعد الفجر بلون وردي وخلال فترة الظهيرة بلون أبيض ناصع ثم تتحول إلى اللون الرمادي قبل الغروب.
وجاء تاج محل عمارة بيضاء صافية من الرخام والجرانيت. وكان الفن المعماري قد بلغ قمة الابداع حتي قال المهندسون "ان نقاء الخطوط في العمارة من نقاء الأمواج". وقد اقترح شاه جيهان إقامة التاج من الرخام الأبيض حتى ينعكس الضوء عليه عند الفجر والصباح والظهيرة والضحى والمساء.. إلي ضوء القمر. وعقب إنجازه أحس شاه جيهان بأنه يريد الموت بعد أن تحقق له ما أراد من الحياة.
كانت سيدة تاج محل ممتاز محل ومعناها (مختارة القصر) ذات مولد رفيع الشأن، فهي حفيدة ميرزا غياث بيك رئيس وزراء الإمبراطور المغولي الرابع جيهانجير، وابنة خواجة أبو الحسن الذي كان يعرف في بلاط جيهانجير بلقب يامن الدولة عاصف خان- رجل ذو طلعة مهيبة ويحظى باحترام كبير.
كانت شديدة الذكاء. باهرة الجمال كما ترسمها لوحات عصرها. وكانت تأنس للموسيقي وتقرض الشعر بالفارسية.هكذا كانت نشأة أرجوماند بانو بيغوم، التي عرفت لاحقاً باسم ممتاز محل، ابنة عائلة من أشراف القوم. ولدت ممتاز عام 1594.
هام شاه جيهان حبا بزوجته وبنى لها جناحاً ساحراً في القصر وأغدق عليها الهبات والنعم. بل إنه كان يصطحبها معه في حملاته العسكرية. وفي إحدى هذه الحملات عام 1630 خرجت ممتاز معه وهي حامل بابنهما الرابع عشر. وماتت في ربيع 1631 وهي تضع وليدها وكانت بنتاً. وعقب ذلك أمضى زوجها كسير القلب العقدين التاليين تقريباً وهو يعمل على إنجاز حلمها ببناء صرح يخلد ذكرى حبهما. كانت آخر كلمات محبوبته وهي تودع الدنيا: لا تتزوج من بعدي، لن تحب امرأة مثلي، لا تنسى أن تزور قبري.. وكان يزور قبرها وهو حر طليق وظل يزوره عبر المرآة وهو سجين حتى أغمض الموت عينيه
في سبتمبر 1657 أعيا المرض شاه جيهان وفقد الأطباء الأمل بشفائه. بل إنه كتب وصيته. وحالما وصل خبر مرضه أولاده الأربعة، دارا شيكوه وشوجا وأورانزيب ومراد، أخذ جميعهم يعد العدة للاستيلاء على العرش. وعند نجاح أورانزيب في هذا المسعى قام بسجن والده دون أن يسمح سوى لواحدة من أخواته أن تقوم على رعايته حتى وافاه أجله عام 1666 ودفن بجانب زوجته.