سننطلق الآن :
• 5 أكتوبر 1906 قام العالم بولتزمان بشنق نفسه في غرفة بفندق بالقرب من تيرست بسبب مشكلات نفسية , لقد حطّ من قدره بسبب شيء نعتبره اليوم من المسلمات , كان يعتقد بأن المادة غير قابلة للانقسام إلى قطع أصغر من المالانهاية أي أنه كان يحاول بأن يثبت أن كل شيء مكون من جسيمات أولية .
يبدو أن الأمر لا يصدق !!! لكن قبل أكثرمن 100 عام كان محاولة إثبات أن الذرات موجودة حقيقة تعتبر مضيعة للوقت , مع أن الفلاسفة قد تكلموا بها منذ القدم كما رأينا . إلا أنه في منتصف القرن التاسع عشر أصبح السؤال المهم هو هل الذرة موجودة أم لا ؟ و السبب في ذلك يعود إلى البخار ( ستستغربون ذلك !!!) لكن كما يقولون الحاجة أم الاختراع و جميعنا يعلم أن المكتشفات الحديثة و التطورات في العلم حاليا تكون بسبب دعم مادي تقدمه الشركات او الدول للاستفادة منه , في ذلك الوقت كانت هناك حاجة ماسة لصنع محركات بخارية أشد قوة و كفاءة , فكان لا بد من أن نفهم و نتنبأ بسلوك البخار و الماء في درجات حرارة عالية و ضغوط مرتفعة .فالأمر ذو أهمية تجارية و عسكرية و حتى سياسية.
لقد أوضح بولتزمان و الذين يساندونه أنك لو تخيلت البخار على أنه يتكون من ملايين الكرات الصلبة الدقيقة (الذرات) عندها يمكننا وضع بعض المعادلات الرياضية القوية , بحيث تكون قادرة على التنبؤ بسلوك البخار بدقة , إلا أن هذه المعادلات نفسها هي التي أقحمت بولتزمان و رفاقه في الجدل .
إن أعدائهم من العلماء قالوا : بما أن الذرات التي استندوا إليها في معادلاتهم الرياضية غير مرئية فما هي إلا وسيلة رياضية للراحة و الرضا عن النفس بعيدة عن كونها أشياء فيزيائية حقيقية .((في ذلك الوقت أن تدعي أن الأشياء التخيلية حقيقية كان ذلك يعد ضربا من الجنون و أمرا غير منطقيا )) فقد اعتبروه انتهاكا للمقدسات ,أن تقلل من شأن خلق الله المعجز إلى سلسلة من التصادمات بين كرات متناهية في الصغر . لقد اعتبر بولتزمان ماديا زنديقا ...
المأساوية الساخرة في قصة بولتزمان : هي أنه عندما انتحر في عام 1906 لم يكن يدري بأنه قد برّئ , فقبل أن يموت بسنة قام عالم شاب بنشر ورقة يعلن حقيقة الذرة بشكل لا يمكن إنكاره و لا يقبل الجدل ... إنه ألبرت أنشتاين (26 عاما).
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]• 1905 نشر أنشتاين ورقة بحثية حول كيفية تراقص حبوب اللقاح الصغيرة جدا في الماء .
" في عام 1827 قام براون (عالم نبات) بنثر حبات اللقاح على الماء و بدلا من أن تطفو على الماء وجدها تطفو كما لو كانت حية ( الحركة البراونية ) , بقي اكتشاف براون حوالي 80 عاما تقريبا يعتبر من الشواذ العلمية التي لا يعرف عنها إلا القليل " . على أية حال ما علاقة الاهتزازات بالذرات ؟
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]• أنشتاين غير كل شيء ... الورقة التي قامت بكل التغيير ...
لقد رأى أن اهتزاز حبات اللقاح في الماء يمكن أن يحسم الجدل العنيف حول حقيقة وجود الذرات .
كان دليله : أن اهتزاز الحبوب لن يتم إلا إذا اصطدمت بذرات أخرى لذلك قال أن الماء لا بد أن يكون مكونا من جسيمات بالغة الصغر تشبه الذرات , و هي التي تقوم بالاهتزاز و بالاصطدام بحبات اللقاح , و لولا ذلك لبقيت الحبوب ساكنة . بالتالي كانت النتيجة لحدوث الحركة البراونية لا بد من وجود الذرات و أثبت ذلك بالمعادلات الرياضية الدقيقة و التي تبين حجم الذرة التي يبلغ قطرها عشر جزء من مليون جزء من الميلمتر ( شعرة الإنسان يبلغ عرضها أكثر من مليون ذرة).
لقد تمت تبرئة بولتزمان عن طريق أنشتاين و انقلبت هنا الأمور ....
فأصبح العلماء الذين يحاولون اثبات أن الذرة حقيقة هم أصحاب العقيدة الصحيحة ...
من أين كانت البداية في هذه المرحلة تعالوا نرى ....
•1910 معهد مانشستر مركز العالم في الفيزياء الذرية في ذلك الوقت, اثنان من أروع علماء العالم عملا في قسم الفيزياء – جامعة مانشستر بين عامي 1911 – 1916 , إنهما إرنست رذرفورد و نيلز بور ...
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]رذرفورد كان ابن منطقة نائية في نيوزلاندا و نشأ في مزرعة ريفية , أما بور فقد ولد في مدينة كوبنهاجن , ثريا , واسع المعرفة , إضافة إلى أنه كان من النبلاء .
رذرفورد كان تجريبيا إلى أبعد حد , و أحب التكنولوجيا و ترتيب البطاريات و الملفات و الصخور المشعة ببراعة , كان يتمتع بحدس علمي رهيب ,و على النقيض من ذلك كان بور نظريا لأبعد الحدود فقد كان العلم بالنسبة له يتمثل في التفكير العميق و الرياضيات البحتة , فقد كانت أدواته القلم و الورقة و الطباشير و السبورة , فلقد كان المنطق هو طريقه للحقيقة .
على الرغم من اختلافهما الواضح إلا أن هدفهما كان واحدا و محددا , لقد كانا من أكثر العقول التي أنجبتها البشرية استثنائية .
• 1907 تولى رذرفورد رئاسة قسم الفيزياء في جامعة مانشستر ...
قبل ذلك بـ 10 سنوات ظهرت في ألمانيا الأشعة التي تمكننا من الرؤية خلال الجسم لتظهر عظامنا , كان يصعب تفسيرها و لم يعرفوا ماذا يسمونها فسموها أشعة اكس .
بعد ذلك بعدة سنين اكتشف أن التيارات الكهربائية الشديدة يمكنها أن تطلق أشعة قوية متوهجة أطلق عليها الالكترونات .
1896 اكتشف أن معدن اليورانيوم تنبعث منه طاقة قوية سميت بالنشاط الإشعاعي , حيث كانت هذه المعادن دافئة الملمس و يمكنها أن تحرق اليد و تستطيع هذه الأشعة المرور عير الأجسام الصلبة و كأنها غير موجودة .
ما يهمنا في ذلك أن رذرفورد كان قلقا جدا, فلقد شغلت باله هذه الأشعة و راح يسأل نفسه :
- كيف نشأت ؟
- لماذا تظهر بصورة مختلفة ؟
- إلى أي مدى تستطيع أن تقطع خلال الفراغ أو الهواء؟
- هل تحدث تغيرا في المواد التي تصطدم بها أم لا ؟