في رِحابِ العيونِ الخُضر
أحمد رشاد العتيلي
في مُقلَتَيــكِ صَوائِــفٌ وشَــوَاتِ والسِّحْرُ في لَحْظَيـكِ بَحْــرٌ عَــاتِ
هــذا الغمــوضُ يَكُــنُّ في أكنافِهِ فَـيضــــاً مــن الآلاءِ والآيـــــــاتِ
اللهُ أحســنَ صُنعَــهُ آيـــًا علــــى إعجـــازِهِ الرّيَّــــانِ إبْـــداعـــــاتِ
سِـــرُّ الجَمَالِ بِخَتْمِهِ .. سُبحانَهُ! قــد أَوْدَعَ الجَنّـــاتِ في الجَنّــــاتِ
اللـــــهَ! يــا أحلَــى العَرائِــسِ فــي القَصيـــدِ علــى فَـــمِ الفِتْيــــانِ والفَتَيـــــاتِ
أنْــدَى قَصيـــدِ الحُــــبِّ في شِعـــري عَبَقْــــتِ عَبيـــرَهُ، فاْنهـــلَّ في نَبَضـــــاتي
تَرنيمـــةٌ صَـدَحَ الهَزارُ لُحُونَهــا فتأوَّهَـــت مِــن حُسْنِـهـــا غُنّـــاتي
وغَــدَوتُ لا أدري سِـــوَى أنّ العُيـــونَ السّـــاحِـــراتِ سَــلبْنَنـــي مِـــن ذاتــــي
فَشَدَوتُ أنغـامَ الهِيَـامِ، فزَغرَدَت عَينــاكِ –رَغـمَ حَيَاهُمــا- نَغَماتــي
عيناكِ.. ما الفيروزُ؟ ما طَلُّ النَّدى؟ ما حُلـــمُ عاشقــــةٍ بِعُـــــــرسٍ آتٍ
فــي جَــــدْولٍ يـَنســابُ رَقْـــراقـــاً بِقـــــارِبِ عاشِـــــقٍ هَيْمــــانَ بالصَّبَـــــــوات
أرِجـاً يُمَوِّجُهُ الصَّبَا، فيَمُـــورُ في خَدَرِ النَّجـــاوَى في المُنَى العَطِرات
أوّاهُ! يا غَيَـدَ المَها! أهوَى المَهـا وعيونُها النُّجـلُ المِــلاحُ "مَنَاتــي"
أوَلا مَنَحـتِ فَتَـاكِ بعـضَ لُحَيْظَــةٍ يُهدِي لِحاظَــكِ أجمــلَ اللَّحظـــــات؟
إنّي تذوِّبُنــي اللِّحــاظُ، فهَدْهِــدي سَهــمَ اللِّحــاظِ، وكَفكِفــي النّظَراتِ
كيمــا أناجِـي الطيـرَ في وُكُناتِــهِ وأقـــولُ ما أهـــواهُ فـــي وُكُنـــاتي
مــاذا أقـــــولُ؟ أقـــــولُ: تأسِـــرُني الجِنَــــانُ الخُضــــرُ بالأنـــداءِ مُخضَـــــلاّتِ
مُتَبتِّــــلاتٍ للجَمــتالِ .. كأنّمــــــا يَقضِيــــن كــــلَّ العُمــرِ مُبْتهِـــلات
يا أنتِ! لا "فِينوُسُ" .. لا"ليلَى" ولا "دْيَانـــا" .. ولا جِنِّيَّـــةُ الفَلَـــوات
أُغرودةٌ -لا العَندَليــبُ!- مِفَنَّــــةٌ "زِرْيَابُ" مَوْسَقَهــــا بــــــلا آلاتِ-
زَغــرُودةً لَلحُبِّ رَوْنَقَها الهَـوى قِيثــــارةً مَشبــوبَــــةَ الــرَّنّــــــات
فَيحــاءَ للأطيـــارِ فــي أفْيائِهـــا مَغْنــىً مِــن الرَّيْحـــانِ للصَّلـــوات
لِلهِ بارئِ كلِّ هذا الحُسنِ، يــــــا سُبحانَ..! في الغَدَواتِ والرَّوحـات
يا أنتِ! يا شفتيكِ! يا نَجدَيك! يـــا يا بانَــــةً مَمْشوقــــةَ القَسـَمـــات!
لكِ كلُّ ما تَبغِينَ –يا الأحْلَى!- عَدَا عَينَيكِ- بل ما شِئتِ من رَوضـــات
عَيناكِ لي وَحدي.. أعيشُ هَواهُما عُمــري، وتُزْهِـرُ فيهِمـا وَرْداتــي
أفْدِيهِمـا.. أفْــدي ربيــعَ صِبَاهُمــا أفْدِي اخضِــرارَ جَناهُمـــا بِحَياتـي
لا تُطْلِقــي أَســـري، لِكَــي أبقَـَــى أُرَتِّــــــــلُ في الرِّحـــابِ تَمائِمـــي وصَلاتــــي
رُحْمَـــاكِ! ضُمِّينـي إليـكِ، وهَدِّلـي فَوقي الضَّفائِـرَ، وانثُري الخُصُلات
ودَعِي رموشَـكِ تنثُرُ الذكرى على ثَغري، وتستشفِــي على وَجَنـــاتي
حتى يصيحَ العِشقُ: يَكفِيني الجَوى قد غـــارَ جَمــرُ الوَجـــدِ في ذَرّاتي
مــا بالُهــــا ذاتِ العيـــــونِ الخُــضــــرِ تَستَقـــوي علــى الأحبـــابِ بالإعْنــــاتِ؟
لـو أنهــا لمّــا أشاحَــت وَجهَهـــــا عَن ناظِــريَّ استذكــرت هَمَســاتَي
لمّــا استـراحَ النَّيِّـــرانِ على شَفَــا صَدري، ونامـــا أهـــدأ النَّوْمــــات
وتَعانَقــا جَــذَلاً، وهامــا في دُنـــىً وتسامَـــرا حِـبّيـــنِ فـي مَلْهـــــــاة..
وأنـا وأنتِ نَغُـبُّ مِن قَطْــرِ اللَّمــَى ثَمِلَيـنِ لا نَصحُـــو مِنَ النَّشـــــوات
لا أنتِ أنـتِ! ولا أنــا!.. بِتنـا رُؤى تَدري ولا تَدري يَقيــنَ الذّاتِ
خَلُّي الدموعَ !فانّما الفَرخَان قد ثارا على تَرْسانة الّــــــلّاءاتِ
فَرخـــانِ لَمّــا سَقْسَـقـا طــارا الــى سَمْـتِ العُـلا، وتَجـــاوَزا النَّجمــاتِ
جـافٍ صُـدودُكِ يا مَهــاةُ، وإنّ فـي شَفَتَـــيَّ عِـــيَّ النُّطــقِ بِالكَلِمــــاتِ
هَـــلاّ أعَــرتِ فَمِي الشِّفــاهَ هُنَيهَـةً كَيْمــا أَبُثُّـــكِ لَوعَتــي وشِكـــاتـــي
يَتَوحَّـدُ الثَغَــرانِ حتــى لا يُــــــرَى إلاّ شِفــاهُــــكِ تُوقِـــدُ الشّمْعـــــاتِ
لَألاءَ تُـــورِي الـسِّـحــــرَ في خُـضــــرِ العُــيـــــونِ لآلِئــــاً مَجْلُـــوَّةَ المَـاسَــــاتِ
نَـــوَّرتِ يـــومَ خَطَـــرتِ في إطلالـــةِ النَّشـــوَى، فَماجَـــت، نَشـــوةً، صاجـــاتي
اللــــهَ! حيــــنَ تَــــوَرَّدَ الخَـــــدُّ الأسيـــــــلُ، ودَلَّ بالغَمــــزاتِ والخــــــــــــالاتِ
مـا كــان أجملَها لــواحِــظَ أسبَلَـت -نَــــوَّارةً- أهدابَــهــا الغَـــــــزِلات!
انت التي بدع الجمال فتونها وافاضها شهدا على الكرزات
يا لَيــتَ حِيــنَ رَفَعتِ دونَ حِجَابِها سَـــدّاً من الأعــــذارِ والعِــــــــلاّتِ
خَلَّيــتِ حـاجِبَهـــا القصيــدَ، لَعَلَّمَا يَفْتَـــنُّ فــي المَـــــوّالِ والآهـــــات
لولاكِ ما نَــدَّى النَّـدى كَــرَزاً، ولا ضَوَّعْتُ من عَبَقِ الشَّـذا نَسمــاتـي
أهواكِ حَتّى المَوتِ! لا آلُو .. فَهَـل مــن وَردةٍ أُهْـديكِهــا؟ ووَصــــاتي:
من أجل ربَّات الحِجَال، ولهفةِ الاشواقِ والعشاقِ.. يامَولاتي
آليــتُ لا أنفَــكُّ يُضْوِينـي الظَّمَــــا حَتّى يَشُـــورَ الشّهـــدَ ثَغــرُ مَهاتي
أَستـأذِنُ الكَرَزاتِ: هل لِيَ رَشْفَــةٌ يـــا عَلَّهـــا أَيْقُــونَـــةٌ لِنَجَــاتــــــي
أضْنَى فؤادِي الحُبُّ.. يا أهلَ الهوى أفَـــلا أذوقُ الشَّهــدَ قبـــلَ مَماتــي؟
الاثنين 17/11/2008م
.gif){kind=icon}
